البازين
اكلة شعبية ليبية
كان يوم من أيام الشتاء الباردة .. السماء ملبدة بالغيوم
ارتديت معطفي الصوفي .. ووضعت البردعة على ظهر حمارنا وشوالا من حبوب الشعير
واتجهت صوب مطحنة القرية التي لا تبعد عن بيتنا الا بضع كيلو مترات
بعد التحية والسلام, طلبت من الطحان ان يطحن شوال الشعير بسرعة
اطلقت اللجام للحمار فانطلق كالسهم ينهب الأرض نهبا عائدا الى البيت
مصمما ان يكون غدائنا اليوم بازين من يدي امي
فحبي للبازين كحب الوليد لامه .. ما ان وصلت البيت حتى هرعت لاستقبالي
انزلنا شوال الدقيق وبسرعة البرق كعادتها , غربلة كمية من الدقيق لفصل النخالة عنه . واضرمت النار في الموقد الذي أحيط بثلاث اثافي ( صخرات متوسطة الحجم ) لمنع التصاق القدر على النار مباشرة .
وضعت القدر على النار وسكبت فيه كمية من الماء وقليل من الملح
وبعد ان وصلت درجة حرارة الماء درجة الغليان , صبت كمية من دقيق الشعير في القدر .
وبالمغرفة الخشبية اخدت تحركه وتحركه . الى ان جف الماء وتماسك العجين ونضج
وفي صحن مصنوع من الخشب وضعته ودحرجته ليصبح على هيئة هرم
قاعدته الى الأسفل وقمته الى الأعلى
وقبل الشروع في طهو البازين كان المرق ( الايدام ) جاهزا من لحم الخروف وبيض الدجاج والبطاطا وسكبت قليلا من الدهن على قمة البازين ومن حوله وضعت اللحم والبيض والبطاطا والمرق وبجانبه ليمونة قد قطعت الى نصفين وقليل من الفلفل الأخضر الحار .
كان البخار يتصاعد منه ورائحته تفوح يسيل لها اللعاب وتنفتح لها الشهية .
قلمت اظافري وغسلت يدي بالماء والصابون .. قلت بسم الله وبدأت أولا باللحم الطازج .
وعصرت الليمونة ودهست البطاطا والبيض في المرق . واقتطعت جزءا من البازين وفركتها بيدي الى ان امتزجت مع المرق والبطاطا والبيض .
اكلت بيميني ومما يلي
خيم الصمت على المكان , لا تسمع الى طقطقة الاسنان تقضم الفلفل وتلوك البازين وصوت انفاسي المتلاحقة فبكل لقمة من البازين اقضم الفلفل الحار . وطعم البازين يداعب حويصلات التذوق بفمي . فتذكرت قول الشاعر
خير الموائد عندنا البازين .. ومن حوله اللحم طازج وسمين
اعصر عليه الليمونة .. ومن الفلفل الحار اقضم قضمتين
فيالها من اكلة شعبية شهية ومفيدة احببتها حتى النخاع
______________________________________________________
مع تحيات
سالم منصور يونس الطبيب
