الخميس، 21 مايو 2015

سيدي خرشف

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

سيدي خرشف
على ربوة عالية شيد ضريح الشيخ الجليل صاحب المأثر والبركات (( سيدي خرشف ))
مقبرة قديمة شبه مهجورة الان لنزوح معظم اهل تلك القرية النائية الى المدينة لم يبق الا بضع اسر ومنها اسرة وكيل الشيخ او خادمه .
لسيدي خرشف قبر مشيد مبني بالطوب مرتفع لاكثر من متر عن وجه الارض مطلي بالطلاء الاخضر ومغطى بلفيف من القماش الاخضر .
علق على جدران الضريح قماش بمختلف الالوان والاشكال . وتتدلى من السقف شبكة من الحبال في نهايتها علقت ثلاث بيضات نعام جلبت الى الضريح منذ زمن طويل وحفر لوضع الشموع وعديد من مواقد الفحم للبخور .
لسيدي خرشف مزار سنوي تذبح فيه الذبائح من الانعام التي تعرف بالوعدة اوالنذر
لغرفة الضريح باب قديم متهالك له  قفل من الطراز القديم لا يفتح الا يوم المزار حيث يتدفق الزوار من الرجال والاطفال والشيوخ والنسوة وبخاصة العجائز يطفن حول الضريح يتبركن به يقتطعن قطعة من القماش الاخضر الذي يغطي الضريح لتعلق كتميمة في رقاب الاطفال جلبا لبركة سيدي خرشف وطردا للارواح الشريرة .
ومع المساء توقد النيران وتذبح النذر ويتحلق الرجال بمختلف الاعمار في حلقات الذكر يحملون الدفوف وغيرها من الالات التي يتم القرع عليها كالطبول وغيرها . يتوسط هذه الحلقة رجل في العقد الخامس من عمره يسمى وكيل الشيخ او خادمه يرتدي ملابس غريبة ويضع في عنقه عدة مسابح ذات الوان واشكال واحجام مختلفة يضع يده اليسرى على خاصرته وبيده اليمنى منشة يتمايل في مشيته كالبطريق يصدر الاوامر يصرخ في وجه هذا ويبتسم لذاك له كرش منبعجة تتدلى على ركبتيه وفم يكاد ان يخلو من الاسنان اللهم الا بضع اسنان مهترئة قد نخرها التسوس فجواتها ممتلئة ببقايا فضلات الطعام المتعفنة تضوع منها رائحة كريهة كرائحة جرذ نافق وشفتان يتطاير من خلالهما رذاذ لعابه كزخات المطر وشاربان مصفران من كثرة التدخين يدعي ان روح سيدنا خرشف امتزجت بروحه فاصبح مستنسخا عنه يفعل الاعاجيب فيتحول التراب بين يديه الى تبر وبلمسة منه يشفي اصحاب العاهات المستديمة يعمل الخوارق وشهرته تعدت الافاق فتهافت العامة عليه من كل  حذب وصوب .
تعزف المزامير وتقرع الدفوف وتصدح اصوات الرجال بالمديح اذانا ببدأ حفلة المزار .
الرؤوس تتمايل يمينا ويسارا والى الاعلى والى الاسفل كلما مر الوقت تزداد حدة الايقاعات وتعلو الاصوات اكثر واكثر ويبدأ اصحاب الكرامات والبركات من مريدي هذا الشيخ باظهار براعاتهم في النط والقفز ولوي الرقاب بجنون والمرور باقدامهم الحافية على الجمر وقرمشة الزجاج وابتلاع المسامير وطعن البطون بالسكاكين .
وسط هذا الصخب والهرج والمرج نط شاب طويل القامة شاحب الوجه يحمل عكاز مبثور الرجل اليسرى الى وسط حلقة المزار وهو يصرخ باعلى صوته وكأن به مس رافعا عكازته الى اعلى وبساق واحدة بدا يقوم بحركات بهلوانية وكأنه من ابطال الكونغ فو يمط رقبته الى الامام والى الخلف ويدور حول نفسه وعكازته تكاد ان تحطم رؤوس القريبين منه .
يقفز ويصرخ ويقهقه باعلى صوته ويتمتم بكلمات متنافرة والزبد يتطاير من شفتيه يلف من اقصى الحلبة الى اقصاها قذف بعكازته بعيدا وبكلتا يديه جذب اليه وكيل  الشيخ والشر يتطاير من عينيه ثم رماه بعيدا عنه ارتمى الوكيل على الارض متدحرجا وكأنه خرقة قذفت بها الرياح .
هرع الرجال لنجدته ولكن الشاب كان اقرب منهم اليه اخذ عكازته وغرزها في صدر وكيل الشيخ وهو يجمزر والزبد يتطاير من شفتيه رد لي ساقي المبثورة اذا كنت رجل بركة تفعل المعجزات كما تدعي هيا انهض وردها الي والا حطمت ضلوعك وبقرت بطنك بهذه العكازة بسق على وجهه ... خسئت ايها الدجال الا لعنت الله عليك ايها النصاب المتخلف يا من عشعش الجهل من راسه حتى اخمس قدميه .
تدافع الرجال وابعدوه عنه لقد تعفرت ملابس الوكيل وشعره بالتراب وماعاد يقوى على الوقوف الجميع ينظرون الى الشاب في ذهول واستغراب حملوا الوكيل بعيدا عنه وتساؤلوا لماذا لم تحل لعنة الشيخ على هذا الشاب ثم كيف يجرؤ على مهاجمة وكيل الشيخ ولماذا لم يحوله الشيخ الى مسخ ؟؟ اين الكرامات التي يدعيها وكيل الشيخ ؟؟
يبدو انه استغفلنا وضحك علينا طوال هذه السنين .. ابتز اموالنا واستخف بعقولنا نظر بعضهم الى بعض وانفض المزار وذهب كل الى حال سبيله وبرؤوسهم دار الف سؤال وسؤال .
اما الشاب لملم نفسه وغادر المزار وحيدا وهو يعرج بعكازته اختف وسط الظلمة وذاكرته حبلى باشياء واشياء
مع تحيات
سالم منصور يونس الطبيب 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق