الجمعة، 26 يونيو 2015

ومضات من الماضي

السلام عليكم ورحمة الله وباركاته 
ومضات من الماضي 
في ذات صباح مشمس جميل .. خرجت اتمشى فقادتني قدماي الي داخل المبنى الكبير الممتد على مرمى البصر .. تجولت بين مبانيه الضخمة وحدائقه الجميلة المنسقة تنسيقا هندسيا رائعا .. اقلب النظر في كل الاتجاهات فأبهرني وسلب لبي هذا المشهد الرائع .
فما أنا الا شيخ في السبعين من عمره يتكئ على عكازته ويضع نظارة سميكة على عينيه .. ويرتدي الزي الشعبي .. لقد لفت منظري هذا العديد من رواد هذا المبنى الكبير .. ربما اكون ولي امر احد الطلاب او شيخ فضولي او قد اكون مصاب بالزهايمر .. هنا لا يعيرك احد اهتمامه فالكل ينهب الطريق الى حيث مبتغاه .. اللهم الا البعض .. فمنهم من نظر الي بطرف عينيه واخر ابتسم لي وثالت لوح لي بيده من بعيد اما الرابع فقد اخذ بيدي وساعدني على عبور الطريق شكرته وودعته قائلا .. اسمع مني هذه ايها الفتى الشهم لقد قيل " بني لا تنال العلم الا بسته :سأبنئك عن تفصيلها ببيان .. ذكاء وحرص واجتهاد وبلغة وصحبة استاذ وطول زمان " .
ودعني قائلا شكرا على هذه الهدية النفيسة وغاص مبتعدا وسط الجموع .
اما انا فلقد تابعت طريقي وسط هذا المبنى الكبير تأسرني الفرحة ويعتصرني الانبهار وانا داخل هذا الصرح الكبير اتنقل بهدوء من كلية العلوم الى كلية الزراعة والتربية الى كلية الطب البشري والبيطرة وكلية الهندسة وغيرها من الكليات المختلفة .
الالاف من الطلاب والطالبات في مختلف الاعمار والالوان والجنسيات كخلية النحل زمرا زمرا يمرون من امامي وخلفي وجانبي الي كلياتهم المختلفة دون توقف .
المدرجات مكتضة بهم يجلسون في ادب وخلق واحترام بين كتاب وقلم والاساتذة يلقون محاضراتهم في شتى العلوم والمعارف انهم يعلمون اللغات العربية والانجليزية والعبرية واللاتينية وايضا المهن الفنية والفن بمختلف الوانه واشكاله من نحت ونجارة وتصميم ورسم والطب والهندسة وغيرها من العلوم المختلفة . 
هدوء تكاد ان تسمع دبيب النملة او طنين النحلة .. وجوه نظرة تعلوها ابتسامة عذبة .. فيالهم من جيل امتلك التقنية والمعلوماتية فعالم اليوم جد صغير ينهلون من بحر العلوم الذي لا ينضب انهم جيل الغد الواعد والذي على سواعدهم ستبنى البلاد .. فتواجدهم هنا اليوم يتسلحون بالعلم والمعرفة ليكونوا غدا جندا للوطن يحمونه من غيلان الجهل .
هذا هو مكان العلم والعمل .. فطلاب اليوم هم اساتذة الغد واطبائه ومهندسوه وعلمائه 
صدق الشاعر عنما قال : 
حي الشباب ووفه الاجلال *** واعقد على عزماته الامال 
امل البلاد على رقي شبابها *** ان كان حيا لا تخاف زوال 
عاد بيا الخيال الى الايام الخوالي ايام الصبا والشباب ايام الدراسة فمر شريط ملون امام عيني لوجوه واسماء لزملاء الدراسة والاساتذة الاجلاء لهم تحياتي واشواقي القلبية .
اعتصرني شيء بطعم النار ونزلت دمعتان من مقلتي حارتين مسحتهما بيدي وقفلت عائدا اتكئ على عكازتي .. ولسان حالي يقول :
ليث الشباب يعود يوما *** فاخبره بما فعل المشيب 
وايضا 
بكيت على الشباب بملئ عيني *** فما نفع البكاء ولا النحيب 
++++++++++++++++
___________________________________________
______________________________________________
مع تحيات :
سالم منصور يونس الطبيب

الخميس، 18 يونيو 2015

ذكرى الشقيقة

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

 ذكرى الشقيقة
بمناسبة مرور مئة عام على معركة الشقيقة بترهونة
18_6_1915
من حنايا الروح لا من ثنيات الكتب ... نقرأ التاريخ عن مجد ذهب
يجلس الاباء والاجداد منا عن كتب ... ومع السرد يأتي الفجر لفحا من لهب
ويقولون عن الارض والجد والام والاخت الشقيقة ... انهم راحوا ضحايا الغدر فداء العرض في ساح (( الشقيقة ))
ها هنا ما زال على الترب دمانا
والجبال الشم تزهو بخطانا
يومها لبينا نداء الوطن ندانا
يومها كنا ليوثا صائلات بالغضب ... يومها كنا صواعق حارقات باللهب
يومها شهد السهل منا ورأئ الوادي العجب
يومها مزقنا عدانا واذقناهم وبالا ... وضربنا المثل في الهيجاء مثالا فمثالا
هل روت كتبكم في طيها ذاك النضال؟ ... فأكتبوه اليوم ان عهد الزور زالا
اقبل الاعداء زهوا وفخارا بالعدد ... والتقينا ودوى البارود وازداد المدد
 وتنادى المخلصون منا شيوخا ومرد ... وكررنا فاحكمنا خناقا على كل وغد
حاولوا الادبار اتر فتكات الاسد ... فوثبنا فجمعنا الى اسر وكمد
في الشقيقة كان انتصار التأخي بالصمود
ثم حققنا انتصارا للجهاد بدمائك ياشهيد
حررت الارض اليوم من ملمات القيود
ومضى عهد المدلة عهد طوابير العبيد
واذا شعب البطولة اليوم يبني ويشيد
ينشد الغر المعالى يقضي ما يريد
ايها الشعب الذي يظمى الى نور الحقيقة ... قد كتبت اليوم بالوعد وبالصدق وثيقة
فتعلم ان للمجد وللفوز طريقة ... نورها او نارها على يوم كأيام الشقيقة


مع تحيات :: سالم منصور يونس الطبيب

الخميس، 11 يونيو 2015

فرخ البط عوام

السلام عليكم ورحمة الله وباركاته 

فرخ البط عوام
يحكى انه كان هناك رجل ثريا جدا , ولكنه بخيل جدا جدا مقطرا وشحيحا من انصار ادخر قرشك الابيض ليومك الاسود , ولكن الحقيقة كانت ايامه كلها سواد في سواد , لو قدر له وعاش في زمن الجاحظ لكان من ابطال كتاب البخلاء او احد  شخوص البؤساء لفكتور هيجو
له ثروة طائلة اكثر من ان تعد وتحصى .. مواشي .. مزارع .. عقارات .. حتى يقال ان مفاتحه لتنؤ بالعصبة ذوي القوة .
ولكن مظهره لا يدل على ثراءه البتة  . على العكس من ذلك بل يدل على انه من افقر فقراء البلد رغم انه من اصحاب الملايين فقد عاش حياة اصحاب الملاليم .. حذاءه مهتري كحذاء الطنبوري ملابسه مهلهلة رثة .. شاحب الوجه يعاني الانيميا وفقر الدم .. يتضور جوعا لا يشبع ويمليء كرشة الا في المناسبات الاجتماعية كالاعراس والمأتم .. يشكو دائما من ظنك العيش وغلاء المعيشة والافلاس .
اسرته تتكون من الزوجة وثلاث ابناء عاشوا حياة الفقر والعوز والحاجة ان لم تكن اقدامهم حافية فان احذيتهم قد مل الاسكافي من ترقيعها فكان كثير التأفف منهم ويقول لهم ان هذه الاحذية لم تعد صالحة قد رقعت لاكثر من مرة , فخير لهم ان يمشوا حفاة من ان يستعملوها
كانت الزوجة كثيرة التذمر دائمة الشكوى للاقرباء والجيران تترجاهم ان يتدخلوا فلعلهم يستطيعون تغيير سلوك حياة زوجها البخيل جدا , وبعد ان طفح الكيل بها وعجزت عن تغيير سلوكه لم تعد تطيق العيشة النكدة , العراء والجوع والفاقة .
في يوم من الايام ذهبت الى احد اصدقائه المقربين منه والذين قد يكون لهم تأثيرا عليه شكت اليه سوء حالهم وعوزهم وترجته بكل غال عليه ان يبذل ما في وسعه فقد كرهت هذه الحياة وزهدت فيها .. وعدها صديقه ان يبذل كل جهده في اقناعه ولن يتركه الا وقد اخد منه عهدا بتغيير سلوكه في هذه الحياة .
ذهب الصديق اليه وحاوره لساعات طويلة واقسم عليه بكل عزيز لديه ان يكرم اسرته ويفرج عليهم وينفق عليهم مما اعطاه الله فهو مسؤل امام الله , والله سبحانه وتعالى يحب الكريم ويكره البخيل .
لم يتركه الصديق الا بعد ان اخد عليه عهدا على تغيير سلوك البخل هذا , وان يغدق على اسرته بعض مما في خزائنه  وسيذهب غدا الى السوق ويعود الى البيت محملا بما لذا وطاب
وكما وعد صديقه كان البخيل في صباح اليوم التالي يتجول في السوق يدرعه يمينا وشمالا شرقا وغربا ونفسه لا تطاوعه يعض يده ويهرش راسه واخيرا من محلات الفرصة الرخيصة اشترى ملابسا للاولاد والزوجه ولاكرامهم اكثر مر على القصاب وقف امام القصاب برهة من الوقت واخيرا دلف الى الدكان وجال بعينيه على اللحم هذا لحم خروف باهض الثمن وهذا لحم بقر وذلك لحم جمل , حك ام راسه بقوة وقال للبائع رطلي من عظام ساق هذا الجمل نظر اليه البائع باشمئزاز وقال في نفسه ماذا سيفعل بهذه العظام انها تخلو من اللحم وتعافها حتى الكلاب فيا له من رجل لم تلد النساء ابخل منه .
اخد رطلي العظام وقفل عائدا من البيت مزهوا مفتخرا بهذا التغيير المفاجيء الذي طرا على حياته ,
دفع بالملابس الى الزوجة والابناء رغم رخصها ونوعيتها الرديئة لكنهم فرحوا بها اشد الفرح فهي على كل حال افضل من ملابسهم المهلهلة الرثة .
دفع برطلي العظام الى الزوجة وطلب منها ان تعد لهم وجبة من هذه العظام فدهنها كثير وبخاصة النخاع فهو دسم يكفي لاعداد اكثر من وجبة وحدة .
وقد بيت في نفسه امرا لاختبار ابنائه الثلاثة .
نفذت الزوجة ما طلب منها وبعد اكثر من وجبه من هذه العظام اقسمت له الزوجة انها لم تعد تعطي اي دهن وقد اصبحت كالحجارة او اشد جفافا .
طلب اليها احضار العظام على طبق وطلب من الابناء الثلاثة الجلوس امامه .
توجه بالخطاب الى الابن الاكبر .. اي بني : لو اعطيتك هذه العظام ماذا ستفعل بها , قال الابن الاكبر .. سالعقها وامزمزها حتى تعافها الكلاب وارميها . ... وطلب من الابن الاوسط وانت يا بني ماذا ستفعل بهذه العظام , قال الابن الاوسط : سأعضعضها واسحقها حتى لا يبقى للنمل الصغير شيء يؤكل منها .
وانت ايها الشبل الصغير يا بني المدلل قل لي ماذا ستفعل بهذه العظام , قال الابن الاصغر : سأدقها واطحنها حتى تصبح ناعمة كالدقيق اوزعها على اكياس ثم اوزعها على وجبات الاكثر عددا من الايام , ولا اشتري غيرها حتى تنفد .
هنا صاح الاب باعلى صوته .. مرحا ,, مرحا . مرحا ... حقا انت ابن ابيك ... ما خابت تربيتي فيك و قد تفوقت عليا بخلا , انت خليفتي , منذ اليوم ساسلمك ادارة اموالي والتي بفضل بخلك وشحك ستنمو وتنمو اكثر واكثر .
لقد ورثت خصالي وتشربت افكاري , فحقا .. ابن البط عوام , ومن شابه اباه فما ظلم
مع تحيات
سالم منصور يونس الطبيب 

الأربعاء، 3 يونيو 2015

الحلم الجميل

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الحلم الجميل 

الطرحة .. الاسورة .. التاج .. والتوب الابيض ذو الذيل الطويل .. وقفازات الحرير 
وانت .. يا انت ترسمين بسمة على شفتيك العنابتين 
وبكلتا يديك نشوى تلوحين 
الاطفال من حولنا يتحلقون .. يرشقوننا بالورود بالفل والنرجس والياسمين 
زغاريد النسوة .. وضجيج منبهات السيارات .. واصوات الالعاب النارية ودخانها 
في الجو يضوع 
وانا ممسكا بيدك اليمنى .. قد شطح بيا الخيال بعيدا 
فخلتني بين شجيرات الصنوبر اركض وانت الى جانبي تركضين 
وشعرك الكستنائي المسترسل حرا طليقا .. كفرس جموح 
يقفز على كتفيك ذات الشمال وذات اليمين 
وانا كديك الحبش مزهو اكاد من الفرحة ان اطير 
وافترشتنا العشب الغض الندي .. وتحادثنا بصوت وبهمس وضحكنا وطاردنا الفراشات البثول 
ابحرت في عينيك الحالمتين الساحرتين .. استكشف الجزر البكور 
وجدت فيهما عالم ملون .. فيه الدفء .. والحب .. والامان .. والحبور 
ولم افق .. الا على نبرات صوتك العذب يهمس بي 
انتبه 
فالمصور يلتقط لنا صورا تخليدا لهذا الحلم الرائع الجميل 
______________________________________________
مع تحيات ::
سالم منصور يونس الطبيب 


مخاض الأرض (شمعة)

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته 
مخاض الارض "شمعة"

اشعل شمعة أيها المارد القادم من رحم القدر 
طال ليلنا وأحتجب فيه القمر 
برد وشتاء وذئاب تحيط بنا 
تتحرش بنا .. تتربص لنا .. وعن انيابها تكشر 
اشعل شمعة ايها المارد ... فان ارضنا الطيبة في حالة مخاض 
قريبا ستلد ماردا .. كصلاح الدين .. كطارق .. كخالد .. كعقبة 
تحمله الامانة ... تقلده السيف 
يحرر يوحد ... ولقيدها الازلي يكسر 
اشعل شمعة ايها المارد .. فلقد طفح الكيل بنا .. وبلغ السيل الزبى 
فلتنر الدرب لنا .. دربنا المجدب المقفر .. المليء بالاوحال .. 
بالصخور .. بالاشواك .. وتقدم 
ثائرا 
فكل الصعاب امامة عزيمة الثوار تتحطم .. تتكسر .
_________________________________________
مع تحيات ::
سالم منصور يونس الطبيب ^^