السلام عليكم ورحمة الله وباركاته
ومضات من الماضي
في ذات صباح مشمس جميل .. خرجت اتمشى فقادتني قدماي الي داخل المبنى الكبير الممتد على مرمى البصر .. تجولت بين مبانيه الضخمة وحدائقه الجميلة المنسقة تنسيقا هندسيا رائعا .. اقلب النظر في كل الاتجاهات فأبهرني وسلب لبي هذا المشهد الرائع .
فما أنا الا شيخ في السبعين من عمره يتكئ على عكازته ويضع نظارة سميكة على عينيه .. ويرتدي الزي الشعبي .. لقد لفت منظري هذا العديد من رواد هذا المبنى الكبير .. ربما اكون ولي امر احد الطلاب او شيخ فضولي او قد اكون مصاب بالزهايمر .. هنا لا يعيرك احد اهتمامه فالكل ينهب الطريق الى حيث مبتغاه .. اللهم الا البعض .. فمنهم من نظر الي بطرف عينيه واخر ابتسم لي وثالت لوح لي بيده من بعيد اما الرابع فقد اخذ بيدي وساعدني على عبور الطريق شكرته وودعته قائلا .. اسمع مني هذه ايها الفتى الشهم لقد قيل " بني لا تنال العلم الا بسته :سأبنئك عن تفصيلها ببيان .. ذكاء وحرص واجتهاد وبلغة وصحبة استاذ وطول زمان " .
ودعني قائلا شكرا على هذه الهدية النفيسة وغاص مبتعدا وسط الجموع .
اما انا فلقد تابعت طريقي وسط هذا المبنى الكبير تأسرني الفرحة ويعتصرني الانبهار وانا داخل هذا الصرح الكبير اتنقل بهدوء من كلية العلوم الى كلية الزراعة والتربية الى كلية الطب البشري والبيطرة وكلية الهندسة وغيرها من الكليات المختلفة .
الالاف من الطلاب والطالبات في مختلف الاعمار والالوان والجنسيات كخلية النحل زمرا زمرا يمرون من امامي وخلفي وجانبي الي كلياتهم المختلفة دون توقف .
المدرجات مكتضة بهم يجلسون في ادب وخلق واحترام بين كتاب وقلم والاساتذة يلقون محاضراتهم في شتى العلوم والمعارف انهم يعلمون اللغات العربية والانجليزية والعبرية واللاتينية وايضا المهن الفنية والفن بمختلف الوانه واشكاله من نحت ونجارة وتصميم ورسم والطب والهندسة وغيرها من العلوم المختلفة .
هدوء تكاد ان تسمع دبيب النملة او طنين النحلة .. وجوه نظرة تعلوها ابتسامة عذبة .. فيالهم من جيل امتلك التقنية والمعلوماتية فعالم اليوم جد صغير ينهلون من بحر العلوم الذي لا ينضب انهم جيل الغد الواعد والذي على سواعدهم ستبنى البلاد .. فتواجدهم هنا اليوم يتسلحون بالعلم والمعرفة ليكونوا غدا جندا للوطن يحمونه من غيلان الجهل .
هذا هو مكان العلم والعمل .. فطلاب اليوم هم اساتذة الغد واطبائه ومهندسوه وعلمائه
صدق الشاعر عنما قال :
حي الشباب ووفه الاجلال *** واعقد على عزماته الامال
امل البلاد على رقي شبابها *** ان كان حيا لا تخاف زوال
عاد بيا الخيال الى الايام الخوالي ايام الصبا والشباب ايام الدراسة فمر شريط ملون امام عيني لوجوه واسماء لزملاء الدراسة والاساتذة الاجلاء لهم تحياتي واشواقي القلبية .
اعتصرني شيء بطعم النار ونزلت دمعتان من مقلتي حارتين مسحتهما بيدي وقفلت عائدا اتكئ على عكازتي .. ولسان حالي يقول :
ليث الشباب يعود يوما *** فاخبره بما فعل المشيب
وايضا
بكيت على الشباب بملئ عيني *** فما نفع البكاء ولا النحيب
++++++++++++++++
___________________________________________
______________________________________________
مع تحيات :
سالم منصور يونس الطبيب
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق