الخميس، 13 أغسطس 2015

القصاص العادل

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
القصاص العادل
يحكى انه في احدى الغابات المطيرة كانت تعيش ارنب جميلة نشيطة قد رزقت بارنب صغير جميل له فرو ابيض وعينان حمروان فرحت به كثيرا وكانت تخاف عليه من نسمة الهواء .
تخرج في كل صباح لترعى في المروج الخضراء ولا تعود الا في المساء محملة بالفواكه البرية والجزر وضرعها مليء باللبن الطازج .
كان بالقرب من بيت الارنب يعيش ذئب شرير غاية في القسوة وسفك الدماء . يحب لحم الارانب وبخاصة الصغار منها .
اخذ ذلك الذئب يراقب الارنب ويرصد تحركاتها ومواقيت خروجها وعودتها واستمر في الترصد والمراقبة لمدة من الزمن الى ان تحين ساعة الوقوع بصغيرها .
لقد رأه وهو يودع امه امام البيت فخفق قلبه وسال لعابه وجن عقله وصار يحلم باليوم الذي يفترسه فيه ويتمتع بلحمه الطري الذيذ .
استمرت الارنب في الخروج الى الغابة , واستمر الذئب في المراقبة وتحين الفرصة المناسبة .
في ذات يوم من الايام ادرك الذئب الماكر ان الوقت قد حان ولم يعد يصبر اكثر . فالجوع ضرب معدته فهو بحاجة الى لحم ذلك الارنب الصغير .
الارنب في الغابة منهمكة بجمع الثمار والتغذي على العشب الغض الندي .
الذئب الشرير ذهب الى بيت الارنب وطرق الباب بحنية كما تفعل الام . وطلب من الارنب الصغير فتحه . فهو امه قد عادت مبكرا فالجو اليوم ليس على ما يرام وانها ستمطر قريبا . لكن الارنب الصغير تعرف على صوت الذئب فهو لا يشبه نبرات صوت امه الحنون .
فرد على الذئب ابتعد ايها الذئب الشرير , خاب امل الذئب فالباب محكم والارنب ستعود قريبا فلا فائدة اليوم من المحاولة وغذا لناظره قريب .
غادر المكان ولكنه بقى قريبا من بيت الارنب حتى يستطيع سماع نبرات صوتها ليسهل عليه تقليدها .
استمع الذئب جيدا لصوت الارنب الان والان فقط سيكون الارنب الصغير وجبتي المقبلة غدا .
انتظر الذئب الماكر خروج الارنب الى الغابة ثم طرق الباب وبصوت كصوت الام تماما افتح الباب يا صغيري . انخدع الارنب الصغير هذه المرة وفتح الباب انقض عليه الذئب الشرير ومزقه اربا اربا وبلحمه الطري ملئ بطنه حتى انتفخت وذهب بعيدا حيث اشعة الشمس مستلقيا فاغر فاه والذباب يحوم حوله .
رجعت الارنب فوجدت باب البيت مفتوحا وملطخا بالدماء صرخت وكبداه وولداه لقد نال منه الذئب الشرير , لقد اصاب مني مقتلا , وبغضب شديد اين هو الويل له "
دخلت الى بيتها وفكرت كثيرا انها لا تستطيع مواجهة الذئب الشرير ولو حاولت فعل ذلك لاصبحت هي الاخرى غذاءا له . فعليها استعمال العقل والجنوح للحيلة . ففكرت بحيلة تستطيع النيل منه .
خرجت الى الغابة تبحث عن شيء ما , ويالا حظها لقد وجدت كيسا كبيرا تعبث به الرياح في الغابة , قالت في اندهاش انه هو هو . حملت الكيس على ظهرها وجابت الغابة بحثا عن الذئب الشرير .
اخيرا وجدته ملقيا تحت اشعة الشمس واثار الجريمة من بقايا صغيرها تنتشر حوله نادته ايها الذئب كيف حالك اليوم قال بخير .
وقال اراك تحملين كيسا كبير فما خطبك ؟
قالت الارنب بخبث اما سمعت ايها الجار ان البشر غدا سيجتاحون الغابة مع كلابهم وبنادق صيدهم وبانهم سيقتلون كل حيوان ان لم يجدوه مختبئا داخل كيس . وها انا  قد تدبرت هذا الكيس لاختبئ فيه ولكنه ياللاسف كيس كبير ليتني احصل على كيس اصغر منه فقال الذئب الخبيث مستجديا الارنب . ايتها الجارة والصديقة ليتك تعيرينني هذا الكيس لاختبئ فيه عن اعين البشر وكلابهم .
قالت الارنب بخبث على الرحب والسعه ايها الجار هيا جربه ان حملك فهو لك وانا ساتدبر كيسا غيره .
فرح الذئب فرحا كبيرا وشكر الارنب ودخل الكيس وبسرعة البرق لفت الارنب الحبل على فم الكيس واغلقته باحكام وقالت للذئب الشرير يا عدو نفسه لقد وقعت في شر اعمالك والعقاب من جنس العمل وبعصا كبيرة انهالت عليه ضربا وهو يصرخ ويصرخ ويعلو صراخه يطلب الرحمة والعفو لكن الارنب المفجوعة في صغيرها لم تسمع توسلاته وبكل ما اوتيت من قوة وعلى ام راسه بتلك العصا الكبيرة تضرب وتضرب وتقول له انه القصاص العادل ايها الذئب الشرير . ولم تتركه الا وقد فارق الحياة والدماء تسيل وتسيل من ذلك الكيس
مع تحيات : سالم منصور يونس الطبيب

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق