شنطة سفر
لقد قيل قديما الصيف ضيعت اللبن ... لا ليس اللبن فقط بل أتت على كل شيء
ففي هذا الفصل تتعامد الشمس على مدار السرطان , فتضرب بسياطها النارية الأرض دون رحمة او شفقة .
تضع علاماتها على كل الأشياء , وترسل شاراتها مع الرياح التي تلفح الوجوه وبخاصة رياح القبلي والخامسين والسموم , التي تهب من الصحاري فتغزو جيوشها السهول والاودية والجبال والمدن والقرى , فتغدوا الرمال كأنها مواقد النيران .
فالعصافير والطيور التي كانت تملئ الدنيا بغنائها وزقزقاتها , هاجرت الان هربا من شدة الحر , الى المسطحات المائية من بحيرات وانهار وعيون , والتجأت الى المغارات والكهوف والأشجار , بحثا عن الظل وهربا من سياط الشمس التي لا ترحم , فالرمال تكوي الارجل , واشتعلت الحرائق في الغابات .
فالمسطحات المائية نضبت وتشققت وبدا السكون يعم الارجاء .
ولكن برغم قسوة هذا الفصل وحره الذي يشوي الجلود ويلفح الوجوه . فانه فصل الراحة والاستجمام , فصل الشواطئ والبحار , فصل السباحة والتزحلق على الماء , فصل السمر والسهر والاعراس , فصل المسارح والمهرجانات والسياحة والتجوال . فمن اهرامات مصر الى البندقية ومن تاج محل الى البتراء , ومن جبال اكاكوس الى لبدة وقورينا وواو الناموس وقبر عون .
ففي هذا الفصل تمتلئ الموائد بأصناف الفواكه اللذيذة , من مشمش وبرقوق الى التين والعنب , ومن البطيخ والجوافة الى الكمثرى والخوخ .
فياله من فصل طويلة أيامه قصيرة لياليه , احب فيه الراحة والسمر والسفر , ففيه تعرفت على كثير من مطارات العالم وموانيه , فنادقه ومسارحه ومتاحفه , ومعالمه الاثرية والثقافية .
فطوال شهوره الثلاثة وحيدا اجوب عواصم العالم احمل جوازي وشنطة سفر , واله تصوير وخارطة وكراسة ملاحظات .
________________________________________
مع تحيات
سالم منصور يونس الطبيب