السلام عليكم ورحمة الله وباركاته
فرخ
البط عوام
يحكى
انه كان هناك رجل ثريا جدا , ولكنه بخيل جدا جدا مقطرا وشحيحا من انصار ادخر قرشك
الابيض ليومك الاسود , ولكن الحقيقة كانت ايامه كلها سواد في سواد , لو قدر له
وعاش في زمن الجاحظ لكان من ابطال كتاب البخلاء او احد شخوص البؤساء لفكتور هيجو
له
ثروة طائلة اكثر من ان تعد وتحصى .. مواشي .. مزارع .. عقارات .. حتى يقال ان
مفاتحه لتنؤ بالعصبة ذوي القوة .
ولكن
مظهره لا يدل على ثراءه البتة . على العكس
من ذلك بل يدل على انه من افقر فقراء البلد رغم انه من اصحاب الملايين فقد عاش حياة اصحاب الملاليم .. حذاءه مهتري كحذاء الطنبوري ملابسه
مهلهلة رثة .. شاحب الوجه يعاني الانيميا وفقر الدم .. يتضور جوعا لا يشبع ويمليء
كرشة الا في المناسبات الاجتماعية كالاعراس والمأتم .. يشكو دائما من ظنك العيش
وغلاء المعيشة والافلاس .
اسرته
تتكون من الزوجة وثلاث ابناء عاشوا حياة الفقر والعوز والحاجة ان لم تكن اقدامهم
حافية فان احذيتهم قد مل الاسكافي من ترقيعها فكان كثير التأفف منهم ويقول لهم ان
هذه الاحذية لم تعد صالحة قد رقعت لاكثر من مرة , فخير لهم ان يمشوا حفاة من ان
يستعملوها
كانت
الزوجة كثيرة التذمر دائمة الشكوى للاقرباء والجيران تترجاهم ان يتدخلوا فلعلهم
يستطيعون تغيير سلوك حياة زوجها البخيل جدا , وبعد ان طفح الكيل بها وعجزت عن
تغيير سلوكه لم تعد تطيق العيشة النكدة , العراء والجوع والفاقة .
في
يوم من الايام ذهبت الى احد اصدقائه المقربين منه والذين قد يكون لهم تأثيرا عليه
شكت اليه سوء حالهم وعوزهم وترجته بكل غال عليه ان يبذل ما في وسعه فقد كرهت هذه
الحياة وزهدت فيها .. وعدها صديقه ان يبذل كل جهده في اقناعه ولن يتركه الا وقد
اخد منه عهدا بتغيير سلوكه في هذه الحياة .
ذهب
الصديق اليه وحاوره لساعات طويلة واقسم عليه بكل عزيز لديه ان يكرم اسرته ويفرج
عليهم وينفق عليهم مما اعطاه الله فهو مسؤل امام الله , والله سبحانه وتعالى يحب
الكريم ويكره البخيل .
لم
يتركه الصديق الا بعد ان اخد عليه عهدا على تغيير سلوك البخل هذا , وان يغدق على
اسرته بعض مما في خزائنه وسيذهب غدا الى
السوق ويعود الى البيت محملا بما لذا وطاب
وكما
وعد صديقه كان البخيل في صباح اليوم التالي يتجول في السوق يدرعه يمينا وشمالا
شرقا وغربا ونفسه لا تطاوعه يعض يده ويهرش راسه واخيرا من محلات الفرصة الرخيصة
اشترى ملابسا للاولاد والزوجه ولاكرامهم اكثر مر على القصاب وقف امام القصاب برهة
من الوقت واخيرا دلف الى الدكان وجال بعينيه على اللحم هذا لحم خروف باهض الثمن
وهذا لحم بقر وذلك لحم جمل , حك ام راسه بقوة وقال للبائع رطلي من عظام ساق هذا
الجمل نظر اليه البائع باشمئزاز وقال في نفسه ماذا سيفعل بهذه العظام انها تخلو من
اللحم وتعافها حتى الكلاب فيا له من رجل لم تلد النساء ابخل منه .
اخد
رطلي العظام وقفل عائدا من البيت مزهوا مفتخرا بهذا التغيير المفاجيء الذي طرا على
حياته ,
دفع
بالملابس الى الزوجة والابناء رغم رخصها ونوعيتها الرديئة لكنهم فرحوا بها اشد
الفرح فهي على كل حال افضل من ملابسهم المهلهلة الرثة .
دفع
برطلي العظام الى الزوجة وطلب منها ان تعد لهم وجبة من هذه العظام فدهنها كثير
وبخاصة النخاع فهو دسم يكفي لاعداد اكثر من وجبة وحدة .
وقد
بيت في نفسه امرا لاختبار ابنائه الثلاثة .
نفذت
الزوجة ما طلب منها وبعد اكثر من وجبه من هذه العظام اقسمت له الزوجة انها لم تعد
تعطي اي دهن وقد اصبحت كالحجارة او اشد جفافا .
طلب
اليها احضار العظام على طبق وطلب من الابناء الثلاثة الجلوس امامه .
توجه
بالخطاب الى الابن الاكبر .. اي بني : لو اعطيتك هذه العظام ماذا ستفعل بها , قال
الابن الاكبر .. سالعقها وامزمزها حتى تعافها الكلاب وارميها . ... وطلب من الابن
الاوسط وانت يا بني ماذا ستفعل بهذه العظام , قال الابن الاوسط : سأعضعضها واسحقها
حتى لا يبقى للنمل الصغير شيء يؤكل منها .
وانت
ايها الشبل الصغير يا بني المدلل قل لي ماذا ستفعل بهذه العظام , قال الابن الاصغر
: سأدقها واطحنها حتى تصبح ناعمة كالدقيق اوزعها على اكياس ثم اوزعها على وجبات
الاكثر عددا من الايام , ولا اشتري غيرها حتى تنفد .
هنا
صاح الاب باعلى صوته .. مرحا ,, مرحا . مرحا ... حقا انت ابن ابيك ... ما خابت
تربيتي فيك و قد تفوقت عليا بخلا , انت خليفتي , منذ اليوم ساسلمك ادارة اموالي
والتي بفضل بخلك وشحك ستنمو وتنمو اكثر واكثر .
لقد ورثت خصالي وتشربت افكاري , فحقا .. ابن البط
عوام , ومن شابه اباه فما ظلم
مع
تحيات
سالم
منصور يونس الطبيب